رياح التغيير تجتاح عالم الأعمال والهندرة .. بقلم عبد الرحمن تيشوري / من فريق الوزير النوري / عضو مجلس خبراء الوزارة
رياح التغيير اليوم هي الدافع والمحرك الحقيقي لمشاريع الهندرة في العالم أجمع ، وقد أظهرت نتائج مسح عالمي شمل عدد كبير من التنفيذيين في الشركات العالمية تم خلال التسعينات أن الهندرة كانت على رأس قائمة الجهود التي بذلتها الشركات والمنظمات المختلفة لمواجهة المتغيرات التي تجتاح السوق العالمية ، ويكفي أن نعرف أن مجموع ما صرفته الشركات الأمريكية فقط لمشاريع الهندرة خلال هذا العقد قد تجاوز الخمسين مليار دولار أمريكي ، وهو استثمار كبير قامت به الشركات لقناعتها بأن العائد على هذا الاستثمار سيكون أكبر بكثير وهو ما تحقق فعلاً لكثير من الشركات . ولا عجب أن قيل أن التغيير ثابت وهي جملة صحيحة وصادقة بكلمتين متناقضتين فالتغيير شمل كل جوانب الحياة العملية ابتداء من العميل ومروراً بالمنافسين وانتهاء ببيئة العمل المحيطة ، ففي ما يخص العميل أو الزبون كما يسميه البعض لا يختلف اثنان أن عميل اليوم ليس عميل الأمس ، فعميل اليوم كثير المطالب واسع الإطلاع ، صعب الإرضاء ، سهل الفقدان ، إرجاعه والاحتفاظ به مكلف وما هذا إلا نتيجة طبيعية للثورة التكنولوجية والمعلوماتية التي زادت من ثقافة العميل بالمنتجات والخدمات من حوله كما أن المنافسة الشديدة في أسواق . اليوم أصبحت الحاجة إلى التغيير المستمر ضرورة من أجل البقاء والاستمرار . أما رياح التغيير التي تجتاح بيئة وأسواق العمل محلياً ودولياً فهي أشد وأشد ، فالعولمة واتفاقيات التجارة الحرة والتوجه إلى الخصخصة وحرب الأسعار وقصر عمر المنتج والخدمات في الأسواق نتيجة التطوير والابتكار المستمر يجعل الطريق صعباً أمام الشركات التقليدية والرافضة للتغيير نحو الأفضل . وهنا تبرز أهمية الهندرة كأحد الأساليب الإدارية والهندسية الحديثة التي تساعد الشركات على مواجهة هذه المتغيرات وتلبية رغبات وتطلعات عملائها في عصر لا مكان فيه للشركات والمنظمات القابعة في ظل الروتين والبيروقراطية الإدارية مع النظر إلى العملاء من برج عاجي مكدس بالأوراق والمعاملات والإجراءات المطولة التي أكل الدهر على بعضها وشرب . تعريف الهندرة كلمة الهندرة قد تبدو غريبة على أسماع الكثير، فالهندرة كلمة عربية جديدة مركبة من كلمتين هما (هندسة ) و(إدارة) وهي ترجمة للمصطلح الإنجليزي (Business Reengineering ) والذي يعني إعادة هندسة الأعمال أو إعادة هندسة نظم العمل . وقد ظهرت الهندرة في عام 1992م عندما أطلق الكاتبان الأمريكيان مايكل هامر وجيمس شامبي الهندرة كعنوان لكتابهما الشهير (هندرة المنظمات ) ومنذ ذلك الحين أحدثت الهندرة ثورة حقيقة في عالم الإدارة الحديثة بما تحمله من أفكار غير تقليدية ودعوة صريحة إلى إعادة النظر وبشكل جذري في كافة الأنشطة والإجراءات والإستراتيجيات التي قامت عليها الكثير من المنظمات والشركات العاملة في عالمنا اليوم . لقد عَرف هذان الكاتبان الهندرة بأنها البدء من جديد أي من نقطة الصفر وليس إصلاح وترميم الوضع القائم . وأما (رونالد راست ) فقال : " أن الهندرة هي إعادة تصميم العمليات بشكل جذري بهدف تحقيق طفرات كبيرة في الأداء". ويصادفنا أيضاً تعريفات أخرى للهندرة : ( الهندرة هي إعادة التفكير بصورة أساسية و إعادة التصميم الجذري للعمليات الرئيسية لتحقيق نتائج تحسين هائلة في مقاييس الأداء العصرية : الخدمة و الجودة والتكلفة وسرعة إنجاز الأعمال ) . وتعرف هندسة التغيير أيضاً بأنها: "إعادة تصميم جذري وسريع للعمليات الإستراتيجية والتي لها قيمة مضافة ، وكذلك إعادة التصميم الجذري والسريع للنظم والسياسات والهياكل التنظيمية التي تساعد العمليات وكل ذلك للوصول إلى انسياب العمل بأعلى مستوى من الإنتاجية وفق معايير الجودة العالمية" . أو هي : " إعادة نظر أساسية وإعادة تصميم جذرية لنظم وأساليب العمل لتحقيق نتائج هائلة في مقاييس الأداء العصرية مثل التكلفة ، السرعة ، الجودة ومستوى الخدمة" . وماجرى في سورية يتطلب هندرة كاملة بالاضافة الى ان الكثير من شركات القطاع العام خاسرة والان لدينا تجربة في شركة الاتصالات نبدأ بها وستعمم مع نجاح التجربة أي عمل الشركة باساليب وذهنية ومرونة القطاع الاهلي والخاص لتقديم خدمات راقية ومميزة للسوريين لكن واقع الازمة اليوم يفرض ايقاعه على العمل لذلك قد لا يلحظ المواطن فورا الفرق الكبير في الاداء وممكن ان يأتي ذلك العام القادم مع افول الارهاب الذي يضرب الدولة السورية من كل اوباش العالم وزعران آل سعود وامريكا