رام الله- القدس الثقافي- أكدت الشاعرة اللبنانية ريف حوماني أن المعركة بين الغرب والشرق ضاربة في التاريخ وليست وليدة »ربيع عربي» ولا» خريف عربي » ,وهي باقية ومستمرة وتشكّل جزءاً من المعركة الطويلة الأبدية .
وقالت حوماني في لقاء مع ے الثقافي» إذا كانت البلاد العربية اليوم, مسرحا للاشكالات الحاصلة التي اتّخذت منحىً دمويا فليس لأنها تطالب بالحرية والإصلاحات كما يدّعي المقاتلون مع الغرب, وإنما هي ذريعة لافتعال المشكلة من جهة واستغلال لطلب محق قد تنادي به الشعوب من جهة أخرى.
وأشارت إلى أن الأنظمة العربية وقعت في أخطاء جسيمة على مدى عقود من الزمن, ولم تراع نداءات شعوبها من اجل الديموقراطية والحرية وذلك لكي تبقى متسلطة على الحكم, يرفدها بالقوة والقمع الاستعمار الخارجي الذي يسيطر او يهيمن بواسطة هؤلاء الحكام على ثروات المنطقة . في المقابل 0تقول حوماني-كانت تبرز المقاومات ضد التسلط الخارجي والداخلي من بؤر هنا وهناك, حتى اشتد اخيرا عضد المقاومة وبرزت بشكل ثابت وواضح وقوي, وهذا الأمر أفقد الغرب الحيلة والوسائل التي كان يستعملها, فلجأ الى أنموذج جديد يدخل من خلاله الى المنطقة معللا نفسه بالانتظار وكبح جماح المقاومة الجديدة, ورأى أن دخوله المعركة من طريق التلاعب بالمشاعر الدينية يجعله أقرب الى تحقيق انتصاره من التدخل بجيوشه وجنوده خصوصا بعد حرب 6 تموز مع حزب الله ثم مع حماس وبعد ذهاب ايران بعيدا في حركة التصنيع والقوة ...اخترع » القاعدة » على أساس ديني وبدأ معاركه من خلالها في أفغانستان وباكستان ولم يتحقق له ما يريد في تلك البلاد..فلجأ الى نقلها الى البلاد العربية محاولا إثارة مشاعر الناس والطبقات الفقيرة ,محرّضا اياها على طلب ما هو مفقود من الحرية والديمقراطية, وأسمى هذه الحركات والدعوات ب»الربيع العربي ».ولما كانت تلك الدعوة محقة وحساسة سرت بين الناس كسريان النار بالهشيم من دون ان يعي هؤلاء الناس مراميها ومن هو مطلقها وما هي اهدافه ومن دون ان يعوا ايضا أنه هو السبب في فقدانها.
ونوهت إلى أن الغرب فتح المعركة على الساحة الليبية ووجه طائراته وصواريخه الى اعماقها واستعمل الليبيين انفسهم بالاغراءات المادية من ناحية وبنقل المقاتلين الغرباء من ناحية ثانية. وانتقل الى تونس وابتكر لها ثورة أسماها »الربيع العربي» ثم انتقل الى مصر وانقلب على النظام، مبينة أن كل هذه الانظمة كانت مهيأة لمثل هذه الدعوات والحركات التي اتضح أنه جنّد الاخوان المسلمين لركوب موجاتها.
وأضافت حوماني »لا ننسى قبل ذلك الحرب الاميركية العراقية التي كلفت العراقيين مئات الاف الشهداء وثروة نفطية طائلة .لقد انهزمت أميركا في هذه الحرب لكنها تركت أصابعها ممدودة هنا وهناك لتعبث بالبشر من طريق القاعدة. وكل ذلك كان بهدف الوصول الى طريقة أو وسيلة تكسر عنفوان محور المقاومة الذي تكوّن من حزب الله وحماس وسوريا وايران.
ولما لم تستطع كسر شوكة حزب الله الذي سجل انتصارا تلو انتصار وبسب خوفها ايضا من قوة ايران المتصاعدة, رأت أميركا أنّ تحقيق الهزيمة لسوريا سيفكك هذا الحلف لما لها من دور كبير وفعال على مستوى تدريب المقاومة ومدّها بجميع وسائل القوة والمنعة, فارتأت أن تثير البلبلة من طريق الشارع الذي يطالب بالحرية والديمقراطية ومن خلال أناس لم يتوصلوا بعد الى فهم ما هي الحرية وما هي الديمقراطية التي ينادون بها, ثم اندس المتآمرون بين هؤلاء الناس من أجل تصعيد الموقف ونقله رويدا رويدا من حالة الصراخ بالصوت الى حالة الصراخ بالرصاص, وبدأت تتسع الدائرة وخلفها المخططون الذين جهدوا لنقلها من بلدة الى بلدة ومن محافظة الى أخرى, وهكذا استنفرت أميركا جميع قواها في المنطقة من أنظمة رجعية وحكومات متعاملة معها بأمانة وإخلاص وتوزعت الأدوار بين الجميع وهم مقتنعون بأن النظام سينهار خلال مدة لا تتجاوز الاشهر أو الأسابيع ايمانا بما حشدته أميركا وأوروبا من أسباب لهذا السقوط .
وأشارت إلى أن الأموال تدفقت وتهافت الرجال من كل أنحاء الدنيا وفُتحت الحدود من الدول الملتفة حول سوريا عربية وأجنبية وبدأت المذبحة بجميع أشكالها وصورها على الأرض السورية بما لا يتصوره عقل ولا يتحمله ضمير وبدأ الكر والفر بين الجيش السوري والمقاتلين والمرتزقة على أشدّه على جميع الأراضي السورية .وهكذا بدأ السوريون يفهمون معنى هذه الأحداث وفطنوا الى أن الحرية والديموقراطية ليستا سوى مدخل لتدمير سوريا ولامتهان كرامتها ولكسر شوكتها ومحوها بالتالي من خارطة المقاومة.
بعد هذا العرض تساءلت حوماني : من أين جاءت تسمية »الربيع العربي» ؟أو ليس الربيع شمسا ساطعة ومياها متفجرة نقية وأرضا خضراء وهواء منعشا ؟وكيف لنا أن نقاربه بربيع أميركا ربيع القتل والذبح والدماء والتهجير والفوضى والقنابل والمدافع والصواريخ؟
وتساءلت:ألم يتغير النظام الليبي, فأين هو ربيعه بعد هذا التغيير المزعوم ؟ ألم يتغيّر النظام التونسي فأين هو ربيعه؟ألم يتغيّر النظام المصري فأين هو ربيعه؟ ألم يتغيّر النظام العراقي فأين هو ربيعه؟
وقالت لا تتغيّر الأنظمة بالمدافع والرشاشات والطائرات ولا تكون الحرية والديمقراطية ولا تستمر إلا من طريق تأسيس الحركات الشعبية الواعية والمدركة من دون اللجوء الى القوة والعنف ومن دون التدخلات الخارجية المغرضة .إن سقوط حاكم والإتيان بغيره لم يبدل من الأمور شيئا وإنما كان يخدم مصالح الآخرين.
وأضافت »عندما أطلقت أميركا شعار الحرية في سوريا, لم تكن تعني بهذا الشعار حرية الشعب السوري وإنما كانت تطمح ان يساعدها الشعب السوري في نيل حريتها بالتحرك داخل سوريا».
وتساءت »ألم يكن الأجدر بأميركا التي حرضت الناس على تحقيق الديموقراطية أن تسعى الى تحقيقها في البلدان التي تهيمن هي على أنظمتها وحكامها وثرواتها ؟!».